العلاقة بين الذكر والدعاء
أن الذكر بمعناه العام أنه يشمل جميع أنواع العبادات والطاعات ومن ضمنها الدعاء بنوعيه: دعاء المسألة ودعاء العبادة الذي هو بمعنى الذكر والثناء، فالدعاء نوع من أنواع الذكر ولون منه.
ولكن وردت نصوص كثيرة تدل على إطلاق الدعاء على الذكر الأعم من معنى دعاء المسألة، منها حديث جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أفضل الذكر: لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الحمد لله)) . رواه الترمذي (3383)، وابن ماجه (2/1249)، وحسنه الألباني في الصحيحة (3/484)، وصحيح ابن ماجه (2/319)
ومنها حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو عند الكرب يقول: ((لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب السموات والأرض ورب العرش العظيم)) . أخرجه البخاري (6345)
وقد وضح هذا الإشكال كثير من العلماء، منهم سفيان بن عيينة عندما سئل عن دعاء يوم عرفة فقال: هو ذكر وليس فيه دعاء، ولكن قال النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل: ((من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضلَ ما أعطي السائلين)) . أخرجه الترمذي (2926)، والبيهقي في الاعتقاد (ص101- 102)، وعبد الله بن أحمد في السنة (128).
قال سفيان: فهذا مخلوق حين نُسب إلى الكرم اكتفى بالثناء عن السؤال فكيف بالخالق؟! . انظر: فتح الباري (11/ 176- 177).
وقال الخطابي: "إن الداعي يفتح دعاءه بالثناء على الله سبحانه ويقدمه أمام مسألته، فسمِّي الثناء دعاء، إذ كان مقدمةً له وذريعة إليه على مذهبهم في تسمية الشيء باسم سببه" شأن الدعاء (ص206).
وقال شيخ الإسلام: "إنَّ كلَّ واحد من الدعاء والذكر يتضمن الآخر ويدخل فيه" الفتاوى (15/ 19)، وانظر: بدائع الفوائد (3/10).
إذاً فالعلاقة بين الذكر والدعاء كما يلي:
أ- إذا أريد بالدعاء دعاء العبادة فهو حينئذ مرادف للذكر.
ب- وإذا أريد بالدعاء دعاء المسألة فيكون حينئذ أخصَّ مطلقا من الذكر، ويكون الذكر أعم مطلقا منه؛ لأن الدعاء لا ينفك عن كونه ذكرا، وأما الذكر فيكون سؤالا ويكون غير سؤال.
ج- وتكون العلاقة بينهما التلازم، وذلك أن دعاء المسألة ذكر وثناء وتضرّع وافتقار كما أن في الذكر طلب جلب النفع ودفع الضر ورجاء الثواب وخوف العقاب.
والحاصل أن العلاقة بين الدعاء والذكر إما ترادف واتحاد، وإما عموم وخصوص مطلق، وإما تلازم، ولا يتصور انفكاك أحدهما عن الآخر، فلهذا كانت أغلب الكتب المصنفة في الأذكار تشمل على الأدعية وبالعكس . انظر: الدعاء ومنزلته من العقيدة الإسلامية (1/ 77- 78).
ولكن الغالب إطلاق الذكر على معناه الخاص وإطلاق الدعاء على دعا المسألة، قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن: "إن الدعاء أكثر ما يستعمل في الكتاب والسنة واللغة ولسان الصحابة ومن بعدهم من العلماء في السؤال والطلب كما قال العلماء من أهل اللغة وغيرهم" . فتح المجيد (ص180) .
... والله أعلم ..
وللإحاطة فالموضوع منقول وللاستزادة والتوسع فيه راجع الرابط التالي /
http://www.alminbar.net/malafilmy/thekr/malaf1.htm